This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الأحد، أيلول ١١، ٢٠٠٥

حضارة الملوك والمماليك...

الحضارة... كلمة سمعتها للمرّة الأولى عندما قالوا لي أنّي ابنٌ لأرضٍ كانت مهد الحضارات... مهد الأديان والإنسان...
كنت أنظر إلى وجوههم الممتلئة فرحاً عندما يأتون على ذكرها... فرحت أتخيّل كيف سأخرج في الغد إلى أمتّي لأراها لابسةً ثوب هذه العظمة التي تغنّوا بها... رحت أفكّر كيف سأجد أجدادي في أبنائهم... باحثاً من كلّ قلبي عن ماهية هذا الشعب العظيم الذي مخر عباب البحر وأسس الدول... هذا الشعب الذي علّم العالم الحرف... الشعب الذي خرج منه قائد كهنيبعل... الشعب القليل العدد الذي قاوم الاسكندر، ومات دون أن يرضى بالاستسلام...
رحت أفكّر وأتشوّق حتى يحين ذلك الوقت...
ولم أكن قد حسبت له في الحقيقة حساباً... لأنّي كنت مشدوهاً بما تخيلت... إذ أنّي أصغيت حالي حال كلّ الأطفال إلى من هم أكبر منّي... فصدمت بما رأيت...

أيعقل أن تكون هذه هي العظمة التي كلّموني عنها؟... حضارةٌ أسيرةٌ في كتب التاريخ... أمّة يتحكّم بها ورثة الأمجاد الذين قضوا عليها وباعوا الباقي لأممٍ أخرى...
هل هذه هي الحضارة؟ هي التي حوّلت شعبي إلى ملوك...
ملوكٌ لم يعد العمل يعنيهم... بل حتى صار يهينهم... فالمماليك يفعلون كلّ شيءٍ عنهم... حتى تربية أبنائهم، وحملهم ورعايتهم...
حضارة ملوك لم تعد الأرض ذات نفعٍ عليهم، فهجروها وحوّلوها إلى مرمىً للنفايات بعدما كانت منارة للأمم...

نعم أيها الملوك... لقد اشتاقت أرض الوطن لعرق جبينكم... لا لرائحة المواخير التي أغرقتموها بها...
نعم أيها الملوك... لقد اشتاقت لمن يعطيها دون أن يفكر كم سيأخذ منها من أضعاف...

كيف تستطيعون رفع رأسكم بينما مماليككم أكثر منكم في وطنكم...
بماذا كنتم تتغنّون أمامي؟...
أبمجدٍ ضائع؟...
أبذكائكم الذي أخذه الغرب منكم بسعرٍ رخيص، لأنّه لا يوجد في بلاد الإقطاع من يريد الذكاء؟...
أبكرمكم الذي كان زائداً عن اللزوم، فقدّمتم وطنكم برخصٍ على مذبح الأمم...
أبتجارتكم التي لم يعد هناك من يثق بها لأنّ أهم ما تسوقوه هو الغشّ...
أبقوّتكم العسكرية ووطنكم تسرح فيه وتمرح على هواها كلّ أجناس البشرية...
أبمغتربيكم... وهم يصرخون من البعيد مطالبين بالجنسية وحق الانتخاب دون مجيب، بينما أنتم تعطون الجنسية وحقّ الانتخاب لمن لا يعرفون قيمة لبنان...
أبإرادتكم القوية التي سيطر عليها غيركم وخلعكم من مركز القرار...
أبوطنكم مهد الأديان الذي حوّلتموه إلى مزرعة طوائف...

أكنتم تتغنّون أمامي بأجدادكم؟... ألا تعرفون أنّهم لو دروا بحالكم لندموا على تأسيس هكذا أمّة؟... لكانوا باعوا دماءهم في بنوك الدم لو كانت موجودةٌ في أيامهم… لكان السعر الذي جمعوه أغلى بكثير ممّا دُفع لكم ثمناً لمن هدروا دماءهم لأجله...

هذه هي حضارتكم التي في الماضي شغلت فكري وخيالي... أنتم من رسمها لي بأبهى الحلل...
هذه هي حضارتكم التي الحاضر تشغل فكري بالطريقة التي يجب أن أتّبعها كي أخفي عيوب جسمي، لأنّي لا أجدها إلّا ثياباً ممزقة لبستها قسراً لأنّي ابنٌ لهذه الأمة...
هذه هي الحضارة التي تشغل بالي في المستقبل وأنا لا أراه إلّا أمماً تبتلعها... أممٌ نقلت عن أجدادنا الحضارة، فصرنا اليوم بحاجةٍ إليها لكي تبقينا موجودين على الخارطة...
هذه هي أمّتي التي كان لي شرف الانتماء إليها قبل أن أعرف الحقيقة...
أمّةٌ ملأها الفساد والشر صار فيها في كساد...
أمّةٌ يعيش فيها أناسٌ في ضروب العمالة صاروا آلاف الأجناس...
أمّةٌ أزيحت فيها الحريّة لتحلّ الفرديّة...
أمّةٌ أعدمت فيها الأخلاق فسقطت معها قيمة الإنسان...
أمّة مظاهر... أمّة طائفية... أمّة تتجه إلى الهلاك...
أمّة حضارتها حضارة ملوكٍ ومماليك...


د. ساسين ميشال النبّوت

هناك ٣ تعليقات:

Unknown يقول...

it reminded me Gibran Khalil Gibran and his famous saying ... ويل لأمة

غير معرف يقول...

اااااااااااااااااااااااااااااااااالللللللللللللللللللللللللنننننننننننننننننننننهههههههههههههههههههههعععععععععععععع

ikram يقول...

oh its خاطئ