This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الثلاثاء، أيلول ٠٦، ٢٠٠٥

رجع أيلول...



إنّ الطبيعة مثل الناس، تنتظر الأوقات وإشارات السماء إيذاناً بالتغيير... فما أن يقال غداً يبدأ أيلول حتى تحسّ بالنسمات الباردة تسرح وتمرح بقربك... وما أنّ تدقّ الساعات الأرضية حتى ترى الغيوم قادمةً من كلّ حدبٍ وصوب... فيُنسى بيومٍ واحد لهيب آب ويبدأ العدّ العكسي لموسم الخير... على الأقل هذا ما كان يقال في القرى في الأيّام الخوالي...

وأما اليوم، في عصر السرعة والتكنولوجيات، من الذي يلحظ آب أو أيلول أو كانون؟... أو من يفكّر حتى بالمواسم في لبناننا وهو من تغنّى كتّابنا وشعرائنا بمواسمه؟... فلم يعد هناك من قرى... الأرض صارت بور... الأشجار يبست... والينابيع ضاعت مياهها في الأودية دون إيجاد من يستخدمها...

فكيف يلحظ هذا الشعب الدائم التأفف انتهاء فصلٍ وبدء آخر، إن كانت حياته مسيّرةٌ على المكيفات؟...
كيف سيلحظ أهميّة الفصول إن كانت الزراعة لا تعنيه... فهو لكثرة ماله يشتري كلّ شيءٍ من الخارج!!!...
كيف يهمّهم أيلول إن كانوا منزعجين من قدومه لأنّه يعطّل عليهم مشاوير البحر... ولأنّه يعني انتهاء أيّام التنبلة...


نعم أيّها الأعزاء، في الأمس كان الفرح يملأ قلوب الناس عندما يرون غيمة في البعيد... وكانت تدقّ الأجراس فرحاً عند هطول المطر... كانت الحركة تدبّ في الناس... فتراهم في القطاف... في المطاحن... يشمّسون على السطوح... يجمعون الغلال... يوضّبون... يخزنون...
واليوم قتل الروتين كلّ الناس...
فمن يريد الإجاص يشتريه في عزّ الشتاء... ومن يريد لبن العصفور تعصره له الماكينات...

فما فائدة دوران الأرض بعد؟... الشمس لم تعد تعنينا... وتغيير الفصول يغمّنا...
نحن نملك كلّ شيء... القوة... المال... الطاقة...
نعم نملك كلّ شيءٍ إلا القناعة...

فسلامٌ من القلب لك يا أخي أيلول وأهلاً بك في ربوعنا...
ولا تأبه... فالناس هم الناس... أعطهم كما كنت تعطيهم في السابق وأكثر... وعندما تذهب، لا تحزن ولا تبكِ... بل كن مرفوع الرأس... لأنّ كلّ عملٍ عملت يتمجّد به اسم اللّه...

د. ساسين ميشال النبّوت

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

Good point of view...