This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الجمعة، كانون الثاني ٢٦، ٢٠٠٧

الوهمي والحقيقي


يا للعجب! الناس تتراكض في الشوارع خلف مجهول، كان من المفترض أنّ عناصر الأمن هي التي تلاحقه كي يصبح معلوماً… لقد ذهب إلى اليمين، إلى الشمال… إنّه العدو الذي جاء ليغتصب أراضينا… لا تنفكّ الرسائل القصيرة ترنّ في الهواتف النقّالة… كأن من يدير الحملة جالسٌ في قمرٍ صناعي، ويزوّد الكلّ بالمعلومات… لا شكّ في أنّه يحبّنا كثيراً، لدرجة أن يرمي بنا في أتون النار…
طبعاً، لا يمكن أن تمرّ الأمور دون زرع أراضينا بالزجاج المكسور، وريّها بالدماء… كما لا يمكن بأن نترك الهواء بحاله، بل نملأه بذبذبات سبابنا علّه يزداد حلاوة…
المشهد لا يختلف كثيراً عن حلبات القتال، حيث يتصارع المساجين حتى آخر رمق… الشوارع صارت ساحة، وعلى الموجودين إرضاء الأمبراطور… إنّ معركتهم والمعركة التي نقوم بها اليوم، هي صراعٌ للبقاء… لكن أين؟! السجين يبقى سجيناً حتى ولو كلّلوا رأسه بأكاليل الغار… والسجين لا يسلم كما لن نسلم نحن، لأنّ من ينجو أمامه معركةٌ قادمة وقد تكون الأخيرة إن لم يحالفه الحظ…
هذا ليس بجديد على الإنسانية، فمنذ آلاف السنين حُرِّم القتل، ومُجِّدَ القتلة باعتبارهم أبطالاً… والجمهور يعشق رؤية الدماء، تماماً كالثيران التي تهتاج لرؤية اللون الأحمر… فتتراكض لاهثةً لقتل من بقي حيّاً…
اقتله… اقتله… اقتله… هذا كلّ ما نسمع… فينسى واحدنا أنّه من الممكن أن يكون مكان الذي يتعرّض للقتل، وأن سكّين جلادٍ ما ستطال رقبته يوماً…

لو عرف واحدنا أنّ انفعاله سيوصله إلى الموت لما انفعل… ولو عرف واحدنا أنّ لسانه قد يقتله لقطع لسانه… لكن هذه هي حالنا… لساننا أسرع من تفكيرنا، وهنا المعادلة مقلوبة إذ أنّ الصوت أسرع من وميض الأفكار في عقولنا (إن بقي في رؤوسنا عقول)…
من يرانا نتقاتل، قال ويقول: هل يعقل؟! لا، لا يمكن! لم تكن الحرب الأهلية منذ زمنٍ بعيد، هل نسوا سريعاً أنّها دمّرت كلّ شيء، ولم يستفد منها أحدٌ بشيء… آه لو يصحّ المثل: الحمار يصدم الحائط مرّة واحدة… وللتوضيح، هذا مثلٌ لبنانيّ مئة في المئة، وقد أوجده أجدادنا فقط كي يفهم حميرهم أنهم كباراً كانوا أم صغار، يحقّ لهم الإرتطام بالحائط لمرّة واحدة…

عبثاً الركض خلف هذا العدو الوهمي، فلن ينتهي التقاتل إلا عندما نقاتل لأجل لبنان… ماذا سمعتم؟ نعم، لبنان… وعدوّنا الحقيقي هو كلّ أناني… هو كلّ من يريد إحراق وطن ليولّع لفافة تبغه… هو كلّ من يريد الفساد والإفساد…
ألا يكفينا كم “يحبّنا” جيراننا؟!
ألا تكفينا ديون دولتنا حتى نكّسر وندمّر؟! هل تعتقدون أنّ هذه الديون ستدفعها طائفة أم كلّ واحدٍ منّا، بمن فيهم من كسّر؟
ليس لنا بعد الله من يحمينا إلا العدل! ولا أحد سيفنينا بعد الشيطان إلا الكراسي!
فاتّقوا الله واعدلوا… ولوأد الفتنة صوموا وصلّوا و… حطّموا شاشات تلفازكم…

الجمعة، كانون الثاني ١٩، ٢٠٠٧

بعض النوادر


يخال المرء في كثيرٍ من الأحيان أنّ حياة الأطباء مملّة، مليئة بالرتابة والرسميّات… أو أنّ علاقتنا مع المرضى أو مع المجتمع هي كعلاقة الظابط مع الجنود في ثكنته (التي ليست سيئة بالضرورة)… إذ أنّ الجميع ينسى أنّ الطبيب كائنٌ بشري، له هفواته وأخطاؤه كما نوادره المضحكة…
سأروي البعض منها الآن، لكنّي سأحتفظ بالمزيد لحلقاتٍ قادمة…
في يومٍ طلب أحد الزملاء إلى آخر كان يعمل يوم الأحد، في المستشفى الواقعة ليس بعيداً عن البحر، ألا يصف الكثير من الدواء المسهّل لمرضاه، لأنّه ذاهبٌ ليسبح ولا يريد أن يبرد كلّما ألقي الماء في المراحيض…
في مرّةٍ أخرى، صعد أحد الزملاء منهكاً جائعاً في منتصف ليلة عمله، فوصل إلى غرفة الطبيب المقيم ليجد بعض الجبنة واللحوم المجففة في البراد، فأكلهم بلا وعي… بعد ساعة نُقل على عجل إلى غرفة الطوارئ بسبب وجعٍ في بطنه إضافةً إلى إسهالٍ حاد… لما تحسّنت حالته اتصل برفيقه في الغرفة قائلاً: هل اللحمة والجبنة في البراد لك؟ فقال له الأخير: لا، إنّهم لقطّتي سوسي… فقال الأوّل: ومن أين أحضرتهم لها؟ فقال: جمّعتهم من عند المرضى إذ أنّهم لم يأكلوهم، لكن لماذا تتصل بي في نصف الليل لتسألني؟ فقال: فقط لأعتذر من قطّتك لأنّي أكلتهم…
في إحدى المرّات سألت المرأة أحد الزملاء عن سبب مرضها، فقال: لنقل أنّك سيارة يا “مدام”… إن محرّكك بحاجة إلى بعض الصيانة، وهذا كلّ شيء… فانزعجت المريضة من هذا التشبيه… بعد ساعة، زارها رئيس القسم، فسألته مستفسرةً عن حالتها إذ أنّها لم تقتنع من الجواب الأوّل، فأجابها: “ما في شي… بدّك شويّة حدادة وبويا”… فهربت المريضة لأنّها اعتقدت نفسها في الكاراج…

أمثال أنتيلية -جزر الأنتيل


- يتألّم المسمار بقدر ما يتألّم الخشب.
- تستطيع إجبار الحمار على اجتياز المياه، لكنّك لا تستطيع إجباره على الشرب.
- صدّق نصف ما ترى ولا شيء ممّا تسمع.
- عندما يغيب الهر، تقيم الفئران حفلة راقصة.
- وضع النظارتين لا يعني معرفة القراءة.

هيبة الدولة وحكم القانون


كما أنّ كلّ فردٍ من المجتمع يخطئ، فإنّ القيّمين على الدولة ليسوا آلهةً منزلين… الخطأ ليس بعيب أن تمّ إصلاحه، لكن إن تُرك ليتراكم مع الملايين من الأخطاء، لدرجةِ أنّ العمل الصالح يصبح ضرباً من الغباوة، نصبح في حالةٍ من المرض العضال المزمن، ونهاية الدولة تكون الموت (وإن لم يعجب البعض بهذه السوداوية)…

الساسة في بلدي فيهم كلّ شيء إلا السياسة… عندما تراهم عند الساعة الثامنة في النشرات، لا يختلف المشهد عليك كثيراً عمّا تراه قبل ساعة… فيلم مكسيكي… وكلّ واحدٍ منهم مثل واحدةٍ من الجميلات المغرومات بالبطل، يضربن بعضهنّ وينزعن شعرهنّ… لقد أخذته منّي أيتها الحقيرة، تباً لك… لن أدعك تسلبيه منّي… إنّه حبّي وحدي… وحدي أنا… ويجنّ الجمهور، كلّ بحسب قربته من بطلةٍ جميلة… وكلّ جميلة معها حق، لأنّها حاملٌ من البطل… ولا يعقل بأن تضحي لأجل أخرى…
والبطل في لبنان لمن لا يعرف كناية عن كرسي…
أخيراً وليس آخراً، اختار البطل واحدةً من الجميلات… فأمسكت به تحت راية هيبة الدولة… عفواً… هيئة الدولة… وراحت تضاجعه ليل نهار، ناسيةً أنّ عليها أن تنظف البيت وتطبخ للجائعين و… ولم تترك للجميلات الأخريات إلا الإنتقام…
فمرحباً بالثقافة… ثقافة الحقد… التفاهة… الكذب… اللامبالاة… والأخذ بالثأر…
أمّا حكم القانون السلام على اسمه… ما زال قابعاً على الورق منتظراً ليعرف نفسه إن كان قبعة، أو جراب، أو حذاء… أو مجرد نعل يدوس فيه حامله على من يعترضون طريقه…

لا شكّ أنّ الكثير من المجرمين تعطّلت أعمالهم في أيّام السلم الشكلي… وصلواتهم كانت ولا تزال تصدح استحضاراً لروح الحرب…
ليس بعيداً عن عيون الدولة، وبكلّ ثقة أمهرها باسمه: “يا زعيمي ويا عينيّي، سلّحني والباقي عليّ”… يافطة كبيرة تشقّ سماء البلد… ولينزلها من هو ابن أمّه وأبيه…
المجرمون يبحثون عن عمل… وصارت دعايتهم بجانب دعايات العطور وقرطاس والوادي الأخضر… فلمن يهمّه الأمر!

ومن وحي المناسبة، ألف مبروكٍ لنا جائزة نوبل للقصص الخيالية 2006… زيدت خصيصاً هذه السنة لأجل لبنان… ونالها الكتاب الصحفيين ومذيعو النشرات الإخبارية اللبنانية مجتمعين، وفاءًً لجهودهم الجبارة في إيصال أجمل المواضيع التي لا يمكن أن تخطر على بال… وتقديراً لتحقيقهم أكبر عدد مهاجرين من البلد…

قبل النهاية أتوّجه بالشكر لكلّ رؤساء الطوائف على ولائهم المطلق للإقطاعية، وعلى نسيان الله…
أمّا إلى الشعب ال”لبناميركيراني والسعوريسرائيلي” فأتمنى له عاماً سعيداً مليئاً بالسلام والمواطنية اللبنانية… آملاً أن ينتهي قريباً فيلم الألف “…” وشكراً…

الكذب


عادةٌ من أقبح العادات، أمّ الخطايا التي لا ينزّه عنها أيّ إنسان…
وأكثر من يكذب على الأرض هم السياسيون، فما أكثر الكذبة في هذا الزمان…
يرمون أباطيلهم ووعودهم الذهبية، حتى تصمّ بسببهم الآذان…
وبما أنّ كذبةً واحدةً تستدعي الآلاف، لا يسع أحدنا القول أنّه حقّاً ندمان…
وصايا الله لم يسمعها أحد، وقد لا يبقى له كحلّ إلا القضاء على كلّ لسان…
لكن حتى ولو فعل ذلك، يمكن حينها لأيّ اثنين بالإيماء أن يكذبان…