This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الثلاثاء، آذار ٢٨، ٢٠٠٦

أرزة لبنان


كما في كلّ عام وبمناسبة عيد الربيع، كنت أزور الأرزة الأم في الأعالي، طالباً الحنان والأمل والجمال، مهدياً لها ما أحمل في قلبي من محبّةٍ وإجلال…لكن يبدو أنّ هذا العام ليس عاديّاً… فما يحدث في الأسفل، يلقي بثقل ظلاله على السماء…
لم أجدها يوماً بمثل هذه الحالة… فقد كانت متجهّمةً حانقة، وبالكاد ردّت السلام قائلة: أيّ سلامٍ هذا وأيّ وطنٍ هذا الذي تنشدون… أيّ عيدٍ هذا الذي جئت لتعيّدني به؟…
قلت: لماذا تقولين ذلك؟
قالت: لأنّ الأرض التي لي صارت مجرّد مساحات ومزارع لقطّاع الطرق… لأنّ الشعب الذي أحببت صار أعداداً، نصف مليون… مليون… ملايين… مئات على اليمين… مئات على اليسار… ولا احد في الوسط… لكنّه ليس إلا مجرد أعداد وأكثريات وأقليّات… منهم من يأخذ أوامره من الجبل، منهم من الروابي، منهم من الضواحي، من الشمال والجنوب والشرق والغرب… لكنّي لا أراهم إلا ساقطين في البحر…
حتى أنّكم فقدتم صفتكم الإنسانية، فصرتم مجرّد يومين في السنة… ثمانية وأربعة عشر… يا للإهانة يا شعب لبنان العظيم… يا للإهانة يا مثقفين… يا للإهانة!
ماذا تريدني أن أقول؟ بماذا تريدني أن أصفكم؟ أقل ما يقال فيكم خونة… نعم خونة لبنان.
مبروكٌ عليكم أرباحكم الآنية… إفرحوا بالشعارات الزائلة التي تلبسونها ألوانكم حسب المصالح… تهلّلوا بهذه القيادات الفذة والقادة العظماء… هنيئاً…
لماذا العذاب ووجع القلب؟. ” دق المي مي”. “طائفيين يعني طائفيين”. شعب مخدّر، والمصيبة أنّه يخشى من أن يستفيق لئلا يغضب عليه القرآن أو الإنجيل… لئلا يغضب عليه المعلم… لئلا يشنقه البيك… لئلا يحرمه بطريرك أو مفتي من نعم السماء… لئلا تضيع عليه مئات الدولارات التي إن ربحها تُخسره الملايين…
موتوا واحداً واحداً… أرجوكم ليس بالمئات وخصوصاً ليس بالألوف… لئلا تختل موازين قيادييكم، فتصمت إذاعات وتجود أُخَر… عيب… إنهم يوزنوكم بالكيلو… نعم، نعم، لهذه الدرجة أنتم مهمّين…
ماذا تريدني أن أقول بعد؟دعني…
إنّي لا أبرح أغرس جذوري أكثر فأكثر في الأرض، لأجمع شتاتكم الغبي…
آه… لم أشتق بعد للبحر الذي كان يغمرنا منذ ملايين السنين… لكن إن كان لا بدّ منه، فليأت ويغمر كلّ شيء، عندها تعلمون يا أيّها المتقاتلين على كرسيّ خشبي وأوراق نقدية بالية، أنّكم متساوون عندما يلفّكم وشاح الموت… وتذكروا، التاريخ يذكر الحسن والقبيح، أما السماء فلا يكتب فيها إلا الحميد من الأفعال، فاختاروا…

ليست هناك تعليقات: