This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الخميس، آذار ٠١، ٢٠٠٧

رسالة الدم




رنّ هاتفه في نصف الليل، فسمع صوتاً قاسياً ألِفه… قال كلمة واحدة: ضعها… ثم أقفل الخط…
تصبّب جسمه بالعرق… ثم ما لبث أن قام ملهوفاً راكضاً صوب غرفة أولاده… عدّهم واحداً واحداً… كلّهم ينامون بسلام… فعاد وتذكّر أنّ الحقيبة لا تزال معه… لكن من يعلم؟! قد يكون هناك الكثير منها مع أشخاصٍ قد يعرفهم أو أنّه لم يرهم يوماً… تاه نظره قليلاً وراح يفكّر كيف أنّ هذه الأيّام شرّيرة! كيف له أن يصون أبناءه؟! ثم قال في نفسه: على الأقل لن يكونوا بين قتلى الغد! سأقفل عليهم الباب… وما سيحصل ليكن من أجل القضيّة…
القضيّة! ضحك في سرّه بسخرية… أيّة قضيّة؟ إنّه صراعٌ على السلطة! وما دخلي أنا؟! أريد أن أعيش، فالحد الأدنى لا يكفينا لشراء الخبز! ثم أنّي لا أستطيع رفض الأوامر أو أموت أنا!
لم ينم طول الليل كي لا يوقظ أحدهم عندما تحين الساعة… عدّ أولاده من جديد… ثم أقفل الباب… وكان ما كان…
أجسادٌ ممزّقة، محترقة… أنينٌ وألم… بكاء… وصلت الرسالة… لكن لمن؟ّ!
القوى الأمنيّة؟! أهي قوىً أصلاً وعلى ماذا تقوى؟ كلّ ما تنشط في فعله هو في تحليل النتائج، وفحص الحفر وآثار الجرائم… والنتيجة واحدة، يهمس أحد العسكريين لقائده: كالتي سبقتها! فيهزّ القائد رأسه برصانة وجبينٍ مقطوب… “الرسالة لا تعنيها، فالأمن مستتب داخل الثكنات”…
رجال السياسة؟! ما هذا الزمن؟ كلّما زادت عدد القبور، زادت أعداد فرق الدبكة! فلمن لم يلاحظ، لم يذكر في تعليق أحدهم أنّ ما حدث هو بسبب خلافاتهم، بل بسبب الآخر الذي لا يرضى بالحل!
الجريمة الأقبح… أستنكر بشدّة… لن نقبل بأن يستمرّ المسلسل… هذا مرفوض… السلم خطّ أحمر… وأد الفتنة… الفتنة هي الهدف…
بحثوا في عقولهم في محاولةٍ لمعرفة المجرم… فراحوا يعدّون الجرحى وهويّاتهم، أصحاب السيارات… المنطقة، الإنتماء… الدين… نعم الدين الذي لا يرحم… فوجدوا بين الجرحى والقتلى مؤيّدين لهم، لكن أيضاً مؤيّدين لخصومهم… جمعوا الأعداد وطرحوها، فوجدوا أنّ خسائرهم وخسائر خصومهم متساوية، فحلّوا ربطات أعناقهم وعادوا من حيث أتوا… هم ليسوا معنيين… الرسالة ليست لهم… إنّها يد الإجرام ونقطة على السطر… والعزاء كلّ العزاء لأهل القتلى والجرحى…
رسالة للدول الكبرى والتي تريد أن تصبح كبرى! في المتن الشمالي؟! مستحيل، رغم المعنى الرمزي للمكان! عين علق… “نبع علّق”… وكلّ هؤلاء هدفهم ضرب العين كي لا نعلق، فيبقى هذا البلد لا معلّق ولا مطلّق…
أمّا من يدفع الثمن، والمعنيّ الأوّل والأخير بهذه الرسالة هو الأخ المواطن… هي تلك العائلات المسكينة التي استفاقت في الصباح لتشرب قهوتها، فكانت فناجينها مملؤة بالسمّ والدموع…
الرسالة تقول: لا تتفاءلوا كثيراً! يوم سعدي هو عندما لا ترتسم ضحكة على وجوهكم، ولا يظهر الأمل في عيونكم!
رسالتك وصلت، ويشرّفني أن أرسل لك الجواب: ضحكتنا ستبقى كابوسك اليومي، وأملنا كان ولا يزال لأنّنا نؤمن بوطنٍ أزلي اسمه لبنان…

ليست هناك تعليقات: