This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الأحد، تموز ١٠، ٢٠٠٥

صرخة وحش...

كان هناك وحشٌ قويّ جدّاً ، وقوّته أعطته عريناً كبيراً سكنته أجناسٌ متنوّعة بضعفها، وكان يشلّها مجملة كي يحكمها ويأكلها هو من لم يختر منها إلّا الأكثر ضعفاً لأنّها الأكثر ليناً على اسنانه والأكثر عدداً ، وكان يترك الأكثر قوّةً لأنّه كان يساعده في حكمه وقويّ الضعاف استمرّ لأنّه كان يعيش على فتات القوي لكنّه لم يستطع يوماً شيئاً دونه .في يومٍ من الأيّام طلبت عيناه حيواناً ضعيفاً ليأكله، فقال له أحد خدّامه : لقد أكلتهم كلّهم وعظامهم صارت غباراً في الهواء، ومن لم تأكلهم هربوا وتركوك فإنقضّ عليه وقطّعه إرباً .دبّ الذعر في قلوب الأقوياء الضعفاء عندما شاهدوا طيف الموت أمام أعينهم وعلموا أنّ دورهم آتٍ وأنّهم سيحلّون محلّ الضعفاء على مائدة سيّدهم .

فقامت جماعةٌ منهم تطلب الإذن بالرحيل فرحّلها الى العالم الآخر، وجماعةٌ أخرى توقّفت قلوبها من كثرة الخوف، وأخرى رضيت بالمصير الذي كانت تعرفه منذ أن بدأت طريقها معه وماتت أيضاً .وقف الوحش عندها ونظر الى نفسه ثمّ قال : أنا قويّ وما من قوّة تغلبني...فلم يردد كلماته إلّا الجبال لأنّه لم يكن محاطاً إلّا بجثث هامدة والجثث لا تردّد الأصوات...

ثمّ قال : أنا جميل فلم يردّه أحد...

ثم قال : أنا غني فوجد غناه أراضٍ شاسعة بات مجبراً على العيش فيها لوحده... لوحده مع روائح الجثث وأشباحها التي نقّضت عليه حياته...هكذا صار الوحش القوي الحاكم حزيناً وهزيلاً...

هكذا صار الذي لم يحسب في يومٍ من الأيام ماذا سيأكل جسداً مصّ الجوع كلّ ما فيه من قوّة، فوقف على جبلٍ كبير وقال بنبرة كان لا يزال فيها بعض أطلال القوّة لأخٍ له كان يعيش في عرينٍ آخر : هل عندك يا أخي ما أسدّ به جوعي ؟
قال الآخر : لا يا أخي فقد أعماني الطمع كما فعل بك ، أعماني فنسيت أنّي أقطع الأعناق وأقطع الأرزاق في آن الى أن فقدت كلّ شيء ... لكن لا يزال هناك في ذاك الوادي السحيق بعض الجثث التي رميتُها في هاوية الفقر والعبوديّة والألم والحزن... إقفز الى هناك علّك تجد فيها شيئاً يرضيك ...
فسمع الوحش الذي خار من الجوع كلام أخيه وقفز الى هناك ، الى هاويةٍ لم يكن يعرف أنّها هاوية أخيه...سقط الى الهاوية فتساوى مع الآخرين بالموت ، بموت المادة ...عندها صرخ الوحش الآخر صرخة النصر... صرخة دوّت مثل الرعد في تلك الوديان... صرخة لم يكن يعلم أنّها بداية موته لأنّه أيضاً صار وحيداً...

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

La Fontaine a dit: "La raison du plus fort est toujours la meilleure...", mais c'était bien jadis!
S'il vivait de nos jours, il aurait dit: "La raison du plus fort libre la voie au néant..."