This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

السبت، أيار ٢٠، ٢٠٠٦

ثورة الشياطين


في كل يومٍ نستفيق على نعيق الغربان، ليخبرونا بأنّ أحدهم اكتشف ما سيهزّ المسيحية بأسرها، وأنّ إيماننا إنّما فاسدٌ فاسق، لا بل حتى غبي... لأنّ المسيح الذي نعرفه ليس هو الحقيقي... فمنهم من يقول أنّه انتحر... ومنهم أنّه غير موجود... ومنهم من يقول أنّ القصص التي وصلتنا شوّهتها الكنيسة لغايةٍ في رأسها... وأتفهها على الإطلاق هو ما تنشره وسائل الإعلام فرحةً وشرهةً، الإكتشاف الحدث الذي سيحرّرنا من نير المسيح... فتعرض قطعاً من رمز دا فنشي، كأنّها ضربات المسامير الأخيرة في تابوت المسيحية المتقهقرة... وصورة كاتبه دان براون المتحرّر ضاحكاً في أولى صفحات الكتاب على كلّ من فيه ذرّةٌ من الإيمان... هذا الرجل الذي لن ندينه، بل دينونته ستكون في مكانٍ آخر... لأنّه "الويل لمن تكون به العثرة"... فهو لا يبرح يكرّر صلواتٍ للشيطان في كتابه العظيم (أكان ذلك عن قصد أو عن غير قصد)...
إنّ من يربح هو من يضحك في النهاية... هو من تصفّق له ملائكة السماء، لا من يبجّله الناس... فما من شكّ أنّه باستطاعتك شراء من يصفّق لك ليل نهار، إذ أنّك جنيت الكثير والحمدللّه من إعلان ولائك لأبو الكذابين... وفيلمك هذا الذي يتحفنا بمعلوماتٍ كنّا نتوق إلى معرفتها كي نعرف من هو سبب البؤس والعبودية في الأرض (المسيح!)... يبثّ سيّدك سمومه خلال عرضه، ثمّ يتحفنا بسطرٍ صغير في قعر الشاشة، أنّ هذه وجهة نظر الكاتب، وما من نصوصِ أو ما يشابه ليدعم صحّة أقواله... كدعاية شركات التبغ، التي تبهرك بمدى عظمة وقوّة من يمتصّ رحيق السجائر، ثم يكتب لنا بخجل أنّ وزارة الصحة المسكينة تحذر من مضار التدخين...
نعم... إنّ هذا المسيح هو سبب دمار هذه الأرض، لأنّه يدعو إلى السلام... لأنّه يدعو إلى هذه التي يسمّونها محبّة... لأنّه طالب بالتسامح والغفران، وكان أوّل من عمل بما يقول...
هذا المسيح الذي تسفّهه، يشفق عليك لأنّك لا تعرف ماذا تفعل...
لا بدّ من أنّ ذكاءك الخارق أتاح لك معرفة الحساب والأرقام، وخطوط الطول والعرض... لكنّه حجب عنك فكرة أنّ جريمة قتل قام بها رجلٌ (المجرم المرتد الذي تسيّره التعاليم السماوية!... والمعروف أنّ كل من يغضب على أخيه في المسيحية يحاسب كمن اقترف جريمة قتل... فكيف يحاسب من يقتل فعلاً؟... ثم انتقل من فعلٍ لا يأمر به إلا الشيطان ليدين المسيح وكنيسته؟! ما هي هذه الخدعة التافهة!...
أعرف أنّ الكنيسة وتعاليمها مزعجة جدّاً لمن يريدون التسيّب من كلّ ضابط، وركب بعضهم في الشوارع كما الحيوانات... ذكوراً مع ذكور، إناثاً مع إناث... لا خلاف... المهم الحرية، وأن نتلاعب كلّ النهار بأعضائنا التناسلية... وأن نعيش لسيدنا الشيطان، باصقين كلّ النهار في وجه المسيح وكلّ من يتبعه...
ما من مشكلة بأن نكون عبيد للشهوات... لكن أن نعيش المحبة والتسامح عبودية ضارة... وإن قال المسيح الآخرة والقيامة جاهره، وقل بماذا تهّددني؟ أبالجحيم؟ أنا أريد أن أكون هناك!... إن قال لك الإنجيل أحبوا بعضكم، فهو مجرّد كذبة كبيرة... إكره كلّ شيء فيعطى لك ويزاد؟!...
إن قالت الكنيسة زواج المثليين محرّم، ما عليك إلا أن تصبح كذلك لتكون إبن عصرك...

إن ثورة الشياطين تغلي في أسافل الأرض، أمّا أقلامها وأفواهها الإعلامية ترقص وتنتشي... نهايتها معروفة وهي الفشل الذريع... لكنّ هدفها هو "أنّ كثيرون يضلّون في الأزمنة الأخيرة، حتى المختارين..."، فلنعمل سوياً على أن تخرج شباكهم من بحرنا فارغة...

ليست هناك تعليقات: