This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

السبت، نيسان ١٥، ٢٠٠٦

ضمان الهدر


بين مطرقة الموت وسندان الدولة الفاسدة يقف المواطن اللبناني هزيلاً ، منتظراً منّة زعيمٍ أو نائبٍ لينقذه من دفع الفاتورة الاستشفائية الباهظة. من له ظهرٌ تحيد عنه الصاعقة، ومن ليس له ينفق على أبواب المستشفيات. فوزارة الصحة الغائبة إلا عن إغراق البلد بأدوية لا أصل لها ولا فصل، مفلسة، والمخصصات التي كانت تودع في أيدي المعنيين جفّت أو جفّفت… والضمان الصحي قاطعته المستشفيات الخاصة والدولة معاً…
بالتالي حُرم ما يزيد عن تسعين في المئة من الشعب من حق الإستشفاء، بينما حلّل لهم كلّ أنواع الأمراض النفسية والعطب الجسدي…

لن نتكلّم ههنا عن وزارة الصحة التي وفق المنطق، لا يحقّ لها التدخل في دعم مواطنين لتأمين استشفائهم، لكن عن الضمان الصحي الإجتماعي الذي هو المؤسسة المعنية الوحيدة…

يكلّمنا الجميع عن هدرٍ ومزاريب، ولكن لا يقول لنا أحدٌ ما هي الحلول. وهل سيبقى الناس يستعطون كي لا يموتوا …

نريد أن نعرف أين تذهب الضرائب التي ندفع… ونريد أن نعرف من الذي يدفع ومن الذي يمتنع؟… لماذا على الناس أن تدفع اشتراكاً للضمان، بينما يخصم من معاشاتهم ما لا يعرفون؟… لماذا يحرم النواب والوزراء والرؤساء من دفع الضرائب، طبعاً هم ومؤسساتهم، بينما علينا نحن أن ندفع؟ … أين هي الضرائب التصاعدية على أموال الأغنياء؟… أم أنّ الضريبة هي فقط على الفقير المعدم؟…

عليكم أن تعرفوا أنّ هذا الهدر ليس فقط في دوائر الضمان التي تتحمّل جزءً من الكارثة…

تبدأ القصة في عقل اللبناني، الذي يقبل وبكل بساطة أن يدخل المستشفى لإجراء فحوصات… لمجرد إجراء فحوصات… وطبعاً على حساب الضمان… تكتمل بالطبيب الذي يجري فحوصات بدون لزوم، والمستشفيات التي تسجل فواتيرها طلوعاً ونزولاً، وتنتهي بالإدارة الفاسدة والدولة المتغاضية…

ولن يكون هناك من حلٍّ حقيقي إلا بتغيير عقلية الناس أولاً… فما يحرقونه من خيرات الضمان السائبة ليس إلا مالهم وثروتهم القومية… وما يعتبره الأطباء والمستشفيات أرباحاً لجيوبهم ليس إلا خسارة من الناتج الوطني وزيادة في فوائد الدين، وسيدفعونه من جيوبهم ككلّ مواطن… والقييمين على الضمان لن تضمنهم أموالهم إن افلس الوطن…

لكن هل نطلب من الناس وحدهم التغيير، بينما الحلّ الأساسي الذي لا مهرب منه هو سياسة واضحة ودولة حازمة هدفها الإصلاح، لا واحدةً تعتمد الترقيع والحلول الوسطية كي تضمن الهدر…

ليست هناك تعليقات: