في مقابل التحرّر الأخرق الذي يملأ المجتمعات الغربية، نجد شبابنا وبناتنا مكبّلين بنظام إجتماعي لا يرحم… كأنّ الحلول الوسطية اختفت من الأرض، ولم يعد هناك من مكان إلا للتعصّب والتطرّف الأعمى…
نعم، الفرق شاسعٌ بين من لا يسأل عن أحد عندما يختار، وبين من عليه أخذ موافقة المجالس العليا في منزله وقريته وطائفته…
بالنسبة لهذه المجالس، لا معنى للحب… قد يكون موجوداً، لكنّه على الأرجح شعورٌ خاطئ… طبعاً، فالمعنيّين لا يعرفان مصلحتهما، والأوصياء هم من عليهم الإختيار…
عندما يكون الشاب مليءٌ بالعلل، يمكن أحياناً غضّ النظر… لا أحد يعرف قوانينهم أو مقاييسهم… وإن كان خالٍ من العلل، فإيجاد حجّة هو من أسهل الأمور… كذلك الحال بالنسبة لأختنا الشرقيّة… وهي التي تدفع للأسف الثمن الأغلى لكلّ مشكلة…
ما ذنب الشاب أو الفتاة إن كان عمّ خالته(ا) سكيراً؟ فلا هما ولداه، ولا هما ربّياه، ولا حتى اختاروا أن يكونوا من عائلته!
لماذا عليهم أن يدفعوا ثمن دينٍ أو طائفة ولدهم الله فيها، ولم يختاروها بأنفسهم؟! ثمّ ما العلّة في ذلك؟ ومنذ متى يملؤكم الإيمان، أو حتى تعرفون ما معنى الدين؟ إفتحوا لنا كتب دينكم، وأرونا الآيات التي تمنع عليهم ذلك!…
ما هو هذا الشيء الذي يخيف الجميع؟ ما هو الذي يضحّى لأجله بقلوب وشعور وحياة الأبناء؟
ما هو شعور الأم أو الأب الذي يضرب ابنته لأنّها أحبّت من غير دينها؟ أو حتى يبصق في وجه من أحبّته… وتعامل مثل مجرمة، خارجة على القانون (أيّ قانون؟)… ممنوع يعني ممنوع… النقاش في هذا الموضوع هو مثل الكفر على الله (وهم يكفرون عليه أصلاً مئة مرّة في اليوم)…
ما هو شعور الأهل الذين يقولون لابنهم، إن فعلت ذلك لا ولن نعرفك بعد اليوم… (أيّ دين يأمر بذلك؟)…
فجأة يصبح الحبّ مرضاً، بينما هو أصل كلّ شيء…
وفجأة تصبح تعاليم الأهل عن المحبة مجرّد نسبية، تنطبق في حالات، وتلغى من الوجود في كلّ الحالات الأخرى…
لماذا الخوف؟
إنّها تعاليم الناس التي لم تكتبها يد… وكلام الناس الذي لا يعجبه عجب، ولا ينام ثانية إلا ليستفيق مع تلفيقاتٍ جديدة، هبطت على دماغه في الليل بينما كان يفكّر كيف يجعل حياة غيره مقرفة…
يخاف الأهل على نفسهم واسمهم وشرفهم، كأنّنا بحبّنا نفسد الأرض… كأنّه علينا أن نعمل بما يأمره الناس، لا بما يأمره الله! وكأنّ الناس هم من يتوجّع عنّا، أو يتحمّل عنّا…
لن أقول افتحوا كتب الدين، لكن افتحوا كتب واحدٍ من الناس… واحدٌ كتب الأرواح المتمردة… عظمتموه وافخرتم به، لكن ما زلتم ترفضون تبنّي أقواله، تماماً كما ترفضون تبنّي أولادكم…
ستقولون لي أيّها الشباب والبنات: من هو ذا الذي يستطيع التخلّي عن أهله في هذه الأيام الصعبة؟! المغامر قد يجد نفسه خارج البيت، وبعيداً عن كلّ مساعدة… وأنا أقول لكم، إن كنتم تؤمنون بهذا الحب، فلا تنكسوا أعلام ثورتكم، لئلا تتكبلوا بالسلاسل كلّ حياتكم… لئلا تقضوا العمر في الزنى…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق