This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الاثنين، تموز ١١، ٢٠٠٥

بتهوفن وموسيقانا...



ليس تقليلاً من قيمة المؤلفين الموسيقيين العظماء الذين أقدّر وأعشق موسيقاهم، لكنّ اسم بيتهوفن رافق ذاكرتي منذ الطفولة من خلال أحد الكتب التي قرأت وكان يتحدّث عن حياته ومؤلفاته... وعظمته...
لا أنكر أنّي قرأت هذا الكتاب عدّة مرّات، علّني أستطيع أن أسمع بعضاً من موسيقاه من خلال الكلمات، ولكن دون جدوى... ففي تلك الأيّام( الحرب الأهليّة السيئة الذكر)، لم يكن لي لا القدرة المادية ولا التقنية للحصول أو حتى سماع موسيقاه... فهل يمكن تصوّر ذلك؟... لم تكن منطقتنا مغطاةً إعلاميّاً إلا من التلفزيون العربي السوري ومن إذاعة مونتي كارلو وفي بعض الأحيان من تلفزيون لبنان... كما أنّي أذكر أنّ الراديو في بيتنا كان يفتقد إلى القدرة على قراءة الأشرطة الممغنطة... هذا بدون ذكر الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي...

ولسخرية القدر، أ وّل مقابلةٍ بيني وبين موسيقاه، كانت عندما مات أحد الزعماء... وطبعاً أعلن في حينها الحداد الرسمي، وتوقّفت كل البرامج... ما عدا الموسيقى الكلاسيكية...
هل تخالون طفلاً جالساً، مشخصاً في التلفاز... مركزاً على كلّ نوتة... والفرحة تملأ قلبه... بينما كلّ الناس يتأففون لأنّ وسيلة الترفيه الوحيدة لديهم قد توقّفت...
كنت أنا هذا الطفل...

نعم... كطفلٍ لم يكن يهمّني إن أتى الزعماء أو رحلوا... كنت أنتظر موسيقاه بفارغ الصبر... وفي كثيرٍ من الأحيان لم يطل انتظاري...

وأما اليوم فقد اختلفت الأحوال... فأصبح لدي المجموعة الكاملة لأعماله ولأعمال كثيرين من العظماء الكلاسيكيين... ولا يزال ولعي بالموسيقى الكلاسيكية في المرتبة الأولى...
كما قد تطورت علاقتي مع هذه الموسيقى... وجلّ ما أعشقه اليوم هو الاستماع إليها بينما أكون سائراً في الغابات وعلى قمم الجبال... بين الأزهار في الحقول... لماذا؟... لأنّني أستطيع قراءتها بينما أكون محاطاً بالصمت... ولأنّها تكتب نفسها بنفسها على صفحات الرياح والأشجار والينابيع والحقول...

وأمام الفورة الغير طبيعية للمطربات والمطربين، وشيوع سرقة الألحان، والاتهامات، وحرب الدلال والأصوات الجميلة... أخال الدموع تملأ عيون بتهوفن وموزار وشوبين... وغيرهم من العظماء... خصوصاً أمام التفاهة والمستوى الجاهل للمؤلفين الموسيقيين وكتّاب الأغاني...
فقد انتهت الكلمات، التي تحوّلت تكراراً مميتاً... ولم يعد يهمّ اللحن كما يهمّ الغنج وهزّة الخصر، وقُصر الفساتين...

نعم...
موسيقى الأمس كانت ولا تزال تتكلّم، وستبقى إلى الأبد...
وأمّا موسيقى اليوم فيسكتها الكلام التافه، ولا تدوم أكثر من طول سيقانٍ عارية...

الأحد، تموز ١٠، ٢٠٠٥

صخرة ...

قامت الصخرة لتحيّي الصباح كما يفعل كلّ ما على الأرض ، قامت متكبّرةً رافعةً رأسها كالعادة لأنّها الأقوى ، الأقوى الذي يستطيع الوقوف في وجه حرارة الشمس ، في وجه الماء والنار والرياح ، الأقوى الذي لا شيء يقدر أن يقتله ، قامت فوجدت الإنسان واصلاً إليها . هي من لم تكن قد رأته قبلاً ، لأنّها كانت تعيش في الوديان البعيدة ، التي لم تكن رجله قد وطأتها بعد ، فدفعتها حشريّتها للإستفسار عنه وعن مدى قوّته . فسألت الأشجار : من هذا ؟فقالت : أخبرتنا النسمات ، التي كانت تهزّ أوراقنا ، عن لسان أقربائنا في البعيد ، أنّه هو من يقطّعنا حطباً ليتدفّأ علينا ونحن نحترق في موقد شتائه ، فارتاحت لأنّها لا تقطع ولا تحترق .ثمّ سألت النهر : من هذا ؟فقال : أخبرتنا الينابيع أنّه من حكمها وسيّرها على هواه ، ليروي بمائها عطشه وعطش زرعه وبهائمه ، وليغسل بها أوساخه ، فارتاحت لأنّ لا ماء فيها ، إرتاحت رغم تعجبّها من قدراته هو صاحب الحجم الصغير. فراحت تكمل تحقيقها سائلةً الحيوانات : من هذا ؟فقالت : هو ملك الغابة ، هو أدهى من ثعالبها وأشرس من ذئابها الجائعة ، هو من يثقل كاهلنا بأعماله ويقتلنا ليشبع جوعه . فتنفّست الصخرة الصعداء لأنّها لا تتحرّك ولا تؤكل ، تنفسّت الصعداء وخوفها يزداد كلّما تقّدمت في تحقيقها عنه ، تحقيقها الذي لم يبق فيه للاستجواب غير التراب فسألته : من هذا ؟قال التراب : هو يستغلّ مكوّناتي ليحكم بها العالم ، لكن مهما كان ، فهو منّي كما أنت منّي ، هو سيعود اليّ كما ستعودين أنت ، لكنّ عمرك أطول من عمره . ففرحت قليلاً ، لكنّ نظرات الإنسان لها ولمساته أثارت في جسدها الرعب ، الى أن ابتعد عنها ليعود من حيث أتى .

في صباح اليوم التالي ، وككلّ يوم حيّت الصباح ، لكنّها من جديد وجدت الإنسان قادماً ، وفي يده مطرقةً وإزميل . اقترب منها ، وراح ينقر فيها طول النهار ، فقطّع أطرافها ، وهندس شكلها ، حتّى صارت تمثالاً يشبهه ، وعندما إنتهى ، إقترب من النهر ، فشرب ، وحمل منه ماءً ليغسل عنها الغبار ، ثمّ قطّع شجرتين ، وصنع منهما عربةً ، ربطها الى حماره ، حاملاً بها الصخرة ، التي صارت تمثالاً ، الى بيته .

على الطريق ، كانت الصخرة تنظر بيأس الى أشلائها ، التي في يومٍ من الأيّام قاومت كلّ عوامل الأرض ، أشلائها التي إبتعدت عنها الآن بسبب الإنسان . كانت تنظر باكيّةً وهي تقول : يا ليت كان لي فكر الإنسان مقابل كلّ مظاهر القوّة التي كانت لدي ، قالت ذلك بينما كان الإنسان راكباً على حماره وهو يقول : آه لو كانت لي قوّة كقوّة هذه الصخرة لكنت فعلت أشياء كثيرة .....

صرخة وحش...

كان هناك وحشٌ قويّ جدّاً ، وقوّته أعطته عريناً كبيراً سكنته أجناسٌ متنوّعة بضعفها، وكان يشلّها مجملة كي يحكمها ويأكلها هو من لم يختر منها إلّا الأكثر ضعفاً لأنّها الأكثر ليناً على اسنانه والأكثر عدداً ، وكان يترك الأكثر قوّةً لأنّه كان يساعده في حكمه وقويّ الضعاف استمرّ لأنّه كان يعيش على فتات القوي لكنّه لم يستطع يوماً شيئاً دونه .في يومٍ من الأيّام طلبت عيناه حيواناً ضعيفاً ليأكله، فقال له أحد خدّامه : لقد أكلتهم كلّهم وعظامهم صارت غباراً في الهواء، ومن لم تأكلهم هربوا وتركوك فإنقضّ عليه وقطّعه إرباً .دبّ الذعر في قلوب الأقوياء الضعفاء عندما شاهدوا طيف الموت أمام أعينهم وعلموا أنّ دورهم آتٍ وأنّهم سيحلّون محلّ الضعفاء على مائدة سيّدهم .

فقامت جماعةٌ منهم تطلب الإذن بالرحيل فرحّلها الى العالم الآخر، وجماعةٌ أخرى توقّفت قلوبها من كثرة الخوف، وأخرى رضيت بالمصير الذي كانت تعرفه منذ أن بدأت طريقها معه وماتت أيضاً .وقف الوحش عندها ونظر الى نفسه ثمّ قال : أنا قويّ وما من قوّة تغلبني...فلم يردد كلماته إلّا الجبال لأنّه لم يكن محاطاً إلّا بجثث هامدة والجثث لا تردّد الأصوات...

ثمّ قال : أنا جميل فلم يردّه أحد...

ثم قال : أنا غني فوجد غناه أراضٍ شاسعة بات مجبراً على العيش فيها لوحده... لوحده مع روائح الجثث وأشباحها التي نقّضت عليه حياته...هكذا صار الوحش القوي الحاكم حزيناً وهزيلاً...

هكذا صار الذي لم يحسب في يومٍ من الأيام ماذا سيأكل جسداً مصّ الجوع كلّ ما فيه من قوّة، فوقف على جبلٍ كبير وقال بنبرة كان لا يزال فيها بعض أطلال القوّة لأخٍ له كان يعيش في عرينٍ آخر : هل عندك يا أخي ما أسدّ به جوعي ؟
قال الآخر : لا يا أخي فقد أعماني الطمع كما فعل بك ، أعماني فنسيت أنّي أقطع الأعناق وأقطع الأرزاق في آن الى أن فقدت كلّ شيء ... لكن لا يزال هناك في ذاك الوادي السحيق بعض الجثث التي رميتُها في هاوية الفقر والعبوديّة والألم والحزن... إقفز الى هناك علّك تجد فيها شيئاً يرضيك ...
فسمع الوحش الذي خار من الجوع كلام أخيه وقفز الى هناك ، الى هاويةٍ لم يكن يعرف أنّها هاوية أخيه...سقط الى الهاوية فتساوى مع الآخرين بالموت ، بموت المادة ...عندها صرخ الوحش الآخر صرخة النصر... صرخة دوّت مثل الرعد في تلك الوديان... صرخة لم يكن يعلم أنّها بداية موته لأنّه أيضاً صار وحيداً...

الوصايا العشر...

1- الصمت خيرٌ من الكلام... كما أنّ خير الكلام ما قلّ ودلّ... لذلك تكلّم أقلّ بكثير ممّا يجول في فكرك...
2- أحبب الناس من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك... فتكون قد أحببت اللّه كذلك...
3- إفرح مع الفرحين، وابكِ مع الباكين...
4- إجعل الناس يحسّون بمدى أهميّتهم في نظرك، ولا تُحجب محبّتك عنهم...
5- إفتح قلبك للّه والناس...
6- لا تجعل ما يضغط عليك باباً للإنتقام من الآخرين...
7- إحفظ آلامك في داخلك، ولا تُرِ الناس إلّا أفراحك...
8- إفتح عين قلبك كي لا تبقى قابعاً في الظلام...
9- لا تنساق وراء الغضب والحزن...
10- سِر في النور ولا تخشى الظلمة، فلا بد من أن تشرق الشمس...

الجمعة، تموز ٠٨، ٢٠٠٥

لماذا؟...

كم مرّت عليّ من حالات تمنيت لو أنّ في يدي عصاً أزيح بها الظلم عن الناس... لو أنّ كلّ السلطة في يدي فأوقف الدموع في مآقي البشر...
وإن كنت قد كتبت اليوم ردّاً لما شعرت به وأنا واقف بلا حراك أمام إحدى زميلاتي التي حرمت جوراً من مركزٍ قضت أيّاماً وأيام حالمةً بالحصول عليه... وما إن حان موعد أخذه حتى تغيّر القانون ظلماً لمصلحة آخرين... ولم يُتح لها خيارٌ آخر، فدخلت في معركةٍ غير متكافئة كانت نتائجها محسومة سلفاً...

إنّي أؤمن بأنّ ما يحصل مع الإنسان وإن كان قد رأى مرحليّاً بأنه ليس لمصلحته، قد يكون الأفضل له على المدى البعيد...
لكن ما أرفضه هو أن يكون لناسٍ أن يأكلوا الحصرم ولغيرهم أن يـأكلوا البقول... ما أرفضه هو ظلم الناس...
لو أنّ كلًّ منّا يرى نفسه أولاً، ويصوّر لنفسه ما هو إحساس الأخ الواقف تحت رحمة قراره غير المسؤول، لكان كلّ شيءٍ بألف خير...
لكن أين هي اليوم هذه الأخوّة التي أتحدّث عنها؟... هذا الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين؟...
لماذا علينا أن نبكي؟...
أرجوكم، لا تقولوا لي أنّ اللّه هو الظالم... فكلّ قطرة دمع ذرفها إنسانٌ منذ آدم حتى اليوم هي من فعل إبليس، ومن فعل تعاون كلّ بشريٍ معه آثر حرق الآخرين لكي يبقى جاثماً على كرسيٍّ ما، ودوماً أعلى من أخيه الآخر... وليس هذا فقط ، بل الأخطر من ذلك التلذذ بالظلم، والنشوة من إغراق الآخرين... ربّما إثباتاً لنفوسهم بأنّهم العظمة بحدّ ذاتها، ناسين طبعاً الموت فساعة الحساب...

أرجوكم، لا تقولوا لي أنّه ليس هناك من أناسٍ مستضعفين تهدر حقوقهم على مدار الثواني في كلّ أقطار الأرض... خصوصاً في الأمكنة حيث ما من حسيبٍ ولا رقيب... حيث قوة القوانين البشرية تطبّق إستنسابيّاً...

وكي لا يكون كلامي موجّهاً للآخرين فإني أشمل وأنتقد نفسي في نفس الوقت...

هل سبق لواحدٍ منّا أن لامس الشعور بالذل والمهانة؟... هل سبق لأحدنا أن دُمّر أحد أحلامه؟... دُمّر أمام ناظره... أنا أكيد من الجواب بنعم...
ولكن، هل في كلّ مرّة سنحت لكنا الفرصة لتحقيق حلم أخٍ في الإنسانية، ساعدناه وقدّمنا كلّ ما لدينا؟... أم أنّنا في هذه الحالة نتنكّر ونصبح شركاء في الظلم؟... أنا أكيدٌ من أنً كلّاً منّا هو شريكٌ فيه وإن أزعج هذا الكلام كثيرين...
نعم، نحن شركاء حتى بصمتنا... خصوصاً بصمتنا...

قصّة مَلِك...

كان لأحد الملوك إبنٌ وحيد، توفي إثر حادثٍ مؤلم... فحزنت المملكة لسنين عديدة... وعندما مات الملك ولم يكن له من وريث، طرحت أملاكه كلّها في المزاد... فاجتمع سكان المملكة من كلّ حدبٍ وصوب لشراء الأملاك... وعند بدء المزاد، كانت صورة إبن الملك أوّل ما عُرض... فتذمّر الجميع، ولم يرتفع صوتٌ واحدٌ لشرائها... إلى أن ارتفع صوتٌ من إحدى الزوايا واضعاً لها سعراً كبيراً... فهزئ الجميع منه... وقد كان الشاري بوّاب القصر الذي عاشر الأمير منذ طفولته... وما إن رست الصورة له، حتى قام المحامي وأعلن انتهاء المزاد كما كتب الملك في وصيّته، بتحويل كلّ أملاكه إلى من يأخذ صورة ابنه...

الأحد، تموز ٠٣، ٢٠٠٥

من زوّادة اليوم، صوت المحبّة...

في يوم من الأيّام رميت القطعة الحديديّة من الفأس في إحدى الغابات... فارتعدت فرائص الأشجار من الخوف... واجتمعت لتدارك الأمر... فما كان من إحدى الشجرات الحكيمات أن قالت: في الحقيقة، لا يجب أن تخافوا من قطعة الحديد تلك... ما يجب أن تخافوا منه هو أن يخون واحدٌ من أغصانكم، ويكون لها يداً...