لا نفتقر كشعبٍ لبناني إلى أيّ شيء… ففينا فلاسفة العصور، وحكماء السياسة، ودواهي المصالح… لكن ما نفتقر له هو إيماننا بأنّنا أحرار ومستقلين… إيماننا بوطنٍ واحدٍ أحد لا بديل له…
نعم، فلاسفتنا الأحرار يقيّدهم خوف الموت، فيدورون ويدورون في حلقاتٍ مفرغة لا نهاية لها… وحكمائنا يتلهون عن الهدف الحقيقي بإسقاط بعضهم البعض… أمّا الدواهي فيآمرون بينهم وبين نفسهم على مصلحة آنيّة فانية…
هل طرح زعماؤنا يوماً على نفسهم سؤالاً: لماذا أنا مسؤول؟ عن ماذا أنا مسؤول؟ ما هي وظيفتي؟…
هل يؤمنون بأنّ “الرئاسة تكليف وليست تشريف”… وبأنّهم ليسوا ملوك طوائف…
متى سيأتي اليوم الذي يكون فيه الرئيس ميشال عون زعيماً بلا منازع للدروز والسنة؟… متى ستكون أصداء خطابات السيد حسن نصرالله أقوى عند الموارنة والأرثودوكس؟… متى سيكون الأستاذ وليد جنبلاط زعيماً شيعيّاً؟… متى يصبح الشيخ سعد الحريري قائد الضاحية الجنوبية؟… هل سيأتي يومٌ يصبح فيه الأستاذ غسان تويني فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية لأنّ فيه كلّ صفات الرئيس؟… (مع الاعتذار مِن كلّ مَن لم يُذكر إسمه)
ماذا ينقص كلّاً منهم من القوة والذكاء، والخبرة والحنكة التي يقلّ نظيرها في قادة الدول الأخرى؟…
متى ستصبح خدمات القائد لكلّ الشعب وليس فقط لتياره وحزبه وطائفته؟…
أنا أؤمن وأعرف أنّ كلاً من قادتنا يؤمنون بلبنان، ويحبّونه ، ومستعدون لتقديم الغالي والنفيس من أجله… لكن، كلّ على طريقته، وحسب وجهة نظره التي هي بطبيعة الحال مناقضة لوجهات النظر الأخرى، والتي ستبقى كذلك إن ظلّ كلّ واحد يفكر بمصالح من ورائه، وليس مصالح كلّ الشعب الذي يقف أمامه…
ألا تحسّوا بأن هذه القسمة تستنزف مقدرات الوطن… وأمننا القومي الذي وكّلتم به حضراتكم لم يعد موجوداً…
ألا تعرفون أنّه شئتم أم أبيتم، شاء العرب والغرب أم أبوا، نحن شعبٌ لبناني واحد، وسنبقى…
أرجوكم التوقف عن التراشق بالاتهامات والمزايدات… أرجوكم تجميع قواكم للنهوض بالوطن إلى العزّ والسلام، بدل صرف جهودكم وجهود مستشاريكم لتفنيد أخطاء بعضكم…
نعم أرجوكم وأدعوكم لحوارٍ صامت على أعلى قمّةٍ في لبنان… فهناك يا قادتنا الأعزاء عندما تنظرون إلى أسفل، لن تستطيعوا التمييز بين القرى الشيعية والسنيّة والمسيحيّة… بل الكلّ الكلّ لبنان…
من فوق ستعرفون قيمة الأرض التي تفرّط فيها قسمتكم…
من فوق يا قادتنا الأعزاء تسمعون صوت المآذن وأجراس الكنائس وهي تأتي من كلّ صوب، فلا تعرفوا إن كان جورج قد قال اللّه أكبر أو علي هو الذي تضرّع للمسيح… بل الكلّ الكلّ صلاة…
نعم… تحاوروا بالصمت… ولا تنظروا في عيون بعضكم بل أنظروا إلينا وإلى مستقبلنا…
نعم… تحاوروا بالصمت… وعودوا إلينا واحداً، حاملين بأيديكم حجر الإستقلال الواحد…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق