This website is being formatted... please be patient until we finish our upgrading...

الاثنين، آب ٢٨، ٢٠٠٦

جسر للتاريخ


أبى جسر عرقة إلا وأن يدخل التاريخ…
لطالما كانت القلعة إلى جانبه ليل نهار… شارك رفاتها حرّ الصيف وبرد الشتاء، نور الأيّام وظلمتها… لكنه كان يحسد شهرتها…
هي قلبَها منذ ألف عام زلزالٌ من تحت، فأتاه في الألفية الثانية زلزالٌ من فوق… صوّب عليه ورماه في النهر كمجرد لعبة على حاسوب… مجرّد لعبة، لا أكثر ولا أقل من حفنة بارود وحفنات من الحقد…

قلعة عرقة التي ابتلعتها التلة الأثرية، استدرجت باحثين من كلّ أنحاء الأرض لا زالوا ينقّبون فيها… وفي كلّ يومٍ يجدون شيئاً جديداً…
جسر عرقة لن يستميل باحثين ولا منقبين، فهو لا يحتوي على فن… هو لهم فقط كومة حجارة…

قيل: “لا تكرهوا شيئاً لعلّه خيراً لكم”، كما قيل “التاريخ يعيد نفسه”…
فما المشترك بين الخير وعودة التاريخ؟!
الجواب سهلٌ جداً… انزلوا إلى النهر والمسوا حجارة الجسر المتناثرة… ماذا تحسّون؟ ماذا تجدون؟
إنه عرق جدودنا أيّها العكاريون… عرق جدودنا الأحرار… ديب، يوسف، محمد، حنا، سليم، خالد، إسبر… وكلّ عكّاري بطل من كلّ بيتٍ وقرية… وكلّ امرأةٍ عكارية حملت على رأسها زوادة لتوصلها إلى زوجها أو أخوها أو قريبها، دون أن تنسى زيادة الطعام لكلّ من ليس له ليأكل…
انزلوا إلى النهر… نقّبوا… فتجدون حقّاً ما هو أغلى من كلّ ذهب وقلاع العالم… نعم! إنّها وحدتهم وإرادتهم…

فلنعد التاريخ…
اختاروا يوماً، جمّعوا بعضكم… وليضع كلّ واحدٍ حجر… لنبن ِ سويّاً يداً بيد، وحجراً بحجر جسراً جديداً للمستقبل…
باشروا اليوم، ولا تتوقفوا عن بنائه كلّ أيّام حياتكم، فلا يضطر التاريخ أن يعيد نفسه مرّةً أخرى ليذكر أولادنا كم ثمن “الجسور”…

السبت، آب ٢٦، ٢٠٠٦

البيادر المحروقة


هطلت الخيرات فأنبتت وأنجبت أرض الخصب والعشق… كلّ المواسم كانت لأهل البيت الواحد… ومن الوفرة تكاثر علينا المحبّون من كلّ حدبٍ وصوب… الكلّ هدفهم أن يكون إنتاجنا الأعظم… والمثل لكلّ أهل الأرض…
لطالما رمينا سبب عجزنا وفشلنا على الآخرين… طبعاً فهذا يريحنا ويغطّي عورتنا… ولم نقبل يوماً بأن نعترف أنّ السوس يسرح ويمرح داخل بيتنا الصغير… نتغنى بالوحدة… طبعاً هي كلمات يلوّح بها مذياعنا وترقص على شفاه شاشاتنا… هذه هي الطريقة لصون منزلنا… فإن قلناها تختنق المدافع بسمومها، والصواريخ تأبى الإنطلاق…
قد تخالون السوس عميل…
السوس هو الفساد الذي أكلنا ولا يزال… حتى صمتنا عنه وجهٌ من أوجهه…
تارةً يأكل حقّ طائفةٍ أو حزبٍ أو جماعة، فيهيجها ضد الآخرين… “أكلوا حقوقنا… نحن محرومين… نحن مكتئبين”… ولا أستطيع أن أقول كم يجمع وراءه من يقول ذلك…
وتارةً يأكل من محصول القوي فيزداد بطشاً بكلّ الآخرين، لكسرةٍ في نفسه أو لفتحةٍ في رأسه… والفيلم يدوم ويدوم…
لا تضيعوا كثيراً… ما زلت أتكلّم عن أهل البيت الواحد…
ثلاثة ملايين… أربعة… خمسة… طبعاً أنا أتكلّم عن لبنان، وليس عن مليار وستمائة مليون صيني…
شيعة كنتم أم سنّة أم موارنة أم أرثذوكس أم كاثوليك أم دروز أم سريان أم… ماذا يعني؟!…
من أنتم؟ لبنانيين أم ماذا؟
هل ستقاتلون بعضكم أم ستقتلوا السوس الذي هو سبب كلّ عللكم؟!
أم ستنتظرون كم سيعطيكم السوس من حصص وحقوق جديدة؟
مثلٌ سهل! فحتى ما تجنوه من أخ شيعي أو سنّي أو ماروني أو أورثوذكسي أو كاثوليكي أو درزي… يملؤه السوس… كلّ أكياس قمحهم وقمحكم الذي هو قمح الوطن يملؤه السوس…
أنتم لم ولن تربحوا شيئاً… خسارة كلّ حقدكم وحروبكم الكلامية والمعنوية…
كفاكم اتهامات لبعضكم بالعمالة لمشاريع… فكلّكم عملاء وعمّال لبنان…
فرقتكم وفسادكم ومؤاثرتكم مصلحة جماعةٍ على مصلحة الوطن، هي من تستقطب الأعداء… تماماً كما تستقبل الطرق المنحدرة مياه الأمطار…
يا إخوة كلّ جيراننا يحبّونا لدرجة “من الحب ما قتل”… كلّ واحد عينه على حصصكم… يحسدكم على قطرة المطر المتساقطة على رؤوسكم… على نسمات جبالكم… على ضحكتكم… على حبّكم للحياة…

اليوم احترقت كل البيادر… وبقي السوس مكانه!… طبعاً فهو يعرف أكثر منكم أنّ الموسم القادم وافر…
لن أقول فات الأوان وأنا أراكم تنظرون في عيون بعضكم قائلين: “على ماذا كنّا مختلفين؟!”…
ماذا؟!… الدمعة في عيونكم؟!… كم أنتم صغار؟!…
أنظروا واتعظوا… معركةٌ صغيرة بين شعب الله وحزبه حوّلت البحر الأبيض إلى البحر الأسود! فغيرت في أيامٍ كلّ الجغرافيا!!
أيّها الإخوة المعركة الحقيقية هي منكم وفيكم وإليكم… أقتلوا الفساد قبل بناء البيت…
هلموا معي إلى حرب التغيير والإصلاح… فننظف تاريخنا ونبيّض مستقبلنا دون الإقتراب من البحر الأحمر…